الجمعة، 20 يناير 2012

وقتك رأس مالك

لمسة نفسية
                       وقتك رأس مالك

لا شك أن الوقت هو الحياة، فعمر الإنسان عبارة عن أيام كما قال الحسن البصري "ابن آدم، إنما أنت أيام، كلما ذهب يوم، ذهب بعضك" .. ولقد اهتم الإسلام بوقت المسلم وحثه على اغتنامه وعدم إضاعته .. وإدارة الوقت بفاعلية هي الوسيلة الأساسية التي يستطيع بها كل مؤمن أن يصل لهدفه الأسمى، ألا وهو الفوز الجنة ونيل رضا الله عز وجل ..
أسباب مشكلة ضياع الوقت .. وعلى الرغم من أهمية الوقت وخطورته، فإن الكثير منا يعاني من مشكلة ضيــــاع الأوقــــات دون الإستفادة منها كما يجب ..
ومن الأسبــــاب المؤديـــة لهذه المشكلة:
1) التربية الخاطئة على ضياع الوقت .. فقد نشأنا منذ صغرنا على تضييع الأوقات أمام التلفاز ومشاهدة المسلسلات والمباريات، دون وجود هدف حقيقي نعيش لأجله وبالتالي عدم الإهتمام بالوقت.
2) صحبة السوء .. قال تعالى{..وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف: 28] .. فابتعد عن كل من يُضيع أوقاته في غفلة وليس له هدف في الحياة.
3) إهمال محاسبة النفس .. فتترك نفسك دون محاسبة، لإنه لا يوجد لديك الدافع القوي للتغيير ولا تستشعر قيمة الوقت وأن ما يمر من عمرك من المستحيل تعويضه .. إذًا لابد أن تُحاسب نفسك محاسبة دقيقة، لكي تُصحح مسارها حتى لا تُضيِِّع عمرك سُدى.
4) الوقوع في ذنوب توجِّب الغفلة .. فتمحق البركة من الوقت.



يقول ابن القيم "فوقت الإنسان هو عمره في الحقيقة، وهو مادة حياته الأبدية في النعيم المقيم، ومادة المعيشة الضنك في العذاب الأليم، وهو يمر أسرع من السحاب، فما كان من وقته لله وبالله فهو حياته وعمره، وغير ذلك ليس محسوبًا من حياته، وإن عاش فيه عاش عيش البهائم، فإذا قطع وقته في الغفلة والسهو والأماني الباطلة، وكان خير ما قطعه به النوم والبطالة، فموت هذا خير له من حياته"
فلابد أن تعلم إن الإنسان يمر بموقفين يندم فيهما أشد الندم على ما ضيَّع من الوقت ..
الموقف الأول: ساعة الإحتضار .. يقول الله عز وجل {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ، لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}[المؤمنون: 99, 100] .. وحينها يتحسَّر الإنسان ويعرف قيمة نعمة الوقت التي قد فرَّط فيها.
الموقف الثاني: عندما توفى كل نفس ما كسبت ..فتجد إن أقرانك الذين كنت تظن إنهم لا يتميزوا عليك بشيء في الدنيا قد سبقوك إلى الدرجات العلى فى الجنة، وذلك لإنهم كانوا يُحسنون إستغلال وقتهم في الطاعة ولا يُضيعون ثانية دون ذكر الله.
وعندما يمر البعض على النار للحساب ..يقول الله جلَّ وعلا{ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ}[فاطر: 37].. وقتها سيدركون قيمة الثانية التي ضاعت في غير طاعة الله.




إذًا بنـــا نعرف أهميـــة الوقت لكي نتمكن من علاج هذه المشكلة ..

1) الوقت رأس مالك ..فلا تنفقه إلا في عملٍ صالح، يقول تعالى {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)}[العصر].. فأقسَّم الله عز وجل بالعصر وهو الزمن، هذا دليل على عِظَم ما أقسم به وإن الإنسان في خسران لإنه يُضيع وقته .. إلا الذي عمَّر وقته بالايمان والعمل الصالح والدعوة، فهذا الذي سينجو من الخسران.
والمؤمن لابد أن يبخل بزمانه .. فقد قال رسول الله "أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم من يجوز ذلك"[رواه الترمذي وحسنه الألباني].. فلو قدَّر الله لأحدٍ أن يعيش إلى السبعين من عمره، فسيكون إجمالي ما يُمضيه من الوقت في طاعة الله يساوي أربع سنوات فقط من السبعين!! ..

فإيـــاك أن تُهدِّر من رأس مـــالك الغــــــالي.

2) ستُحاسب عن وقتك يوم القيامة .. يقول الله عز وجل {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ، عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[الحجر: 92,93].. وقد بيَّن لنا الرسول الله  ماهية هذا السؤال، فقال "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه وعن علمه فيم فعل وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن جسمه فيم أبلاه"[رواه الترمذي وصححه الألباني]
3) الوقت سريع الإنقضاء ..فهو يمضي سريعًا ومن المستحيل أن تعوِّض ما فاتك منه، وقد قال الرسول "اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك"[رواه الحاكم وصححه الألباني]..

فلابد أن تنتهز الفرصة الآن لإنك لا تدري متى يأتي أجلك، والعمر قصير فلا وقت لدي المسلم لإهداره.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق